كشمير عبر العصور شهدت كشمير فترات تاريخية متعددة كانت
مليئة بالصراعات السياسية والفتن الطائفية خاصة بين البوذيين والبراهمة،
وتعددت عوامل اشتعال هذه الصراعات ما بين دينية واجتماعية وسياسية، ثم حل
هدوء نسبي من القرن التاسع إلى الثاني عشر الميلادي وازدهرت الثقافة
الهندوسية بها. كما حكمها الإسلام قرابة خمسة قرون من 1320 إلى 1819 على
ثلاث فترات هي:
- فترة حكم السلاطين المستقلين (1320 - 1586).
- فترة حكم المغول (1586 - 1753).
- فترة حكم الأفغان (1753 - 1819).وبدءا من القرن الرابع عشر الميلادي حدثت فيها تغيرات جوهرية، فقد أسلم
حاكمها البوذي رينشان وأسلم معه عدد غفير من الكشميريين، وعلى مدى خمسة
قرون (1320 - 1819) انتشر الإسلام حتى أصبح أغلب سكان الولاية مسلمين.
ونعمت البلاد بنوع من الاستقرار، وأثر مفهوم المساواة في الإسلام في خلق
نوع من التعايش بين جميع الأقليات الدينية والعرقية. وازدهرت خلال هذه
القرون العديد من الصناعات والحرف اليدوية كصناعة الغزل والنسيج.
حكم عائلة الدوغرا الهندوسية (1846 - 1947)
باع البريطانيون عام 1846 ولاية جامو وكشمير إلى عائلة الدوغرا التي كان
يتزعمها غلاب سينغ بمبلغ 7.5 ملايين روبية بموجب اتفاقيتي لاهور وأمرتسار،
واستطاع غلاب سينغ الاحتفاظ بسيطرته على الولاية وبقيت عائلته من بعده في
الحكم حتى عام 1947.
كشمير – المعاناة المغمورة : منذ أن قسمت شبه القارة الهندية فى عام 1947 إلى الجزء الخاضع لطائفة
الهندوس "الهند" وباكستان "المسلمة" لم تهدأ رحى العداوة بين الدولتين؛
وتعتبر قضية كشمير أكثر القضايا الشائكة في هذا الصراع؛ فقد نشبت الحرب
بين الدولتين في غير مرة على هذه الأرض في عامي 1947/8 و عام 1965؛
أ- أهمية كشمير بالنسبة للهند تمثل كشمير أهمية إستراتيجية للهند جعلها شديدة التمسك بها على مدى
أكثر من خمسين عاما رغم الأغلبية المسلمة بها ورغم الحروب التي خاضتها
واستنزفت من مواردها البشرية والاقتصادية الكثير، وتتلخص هذه الأهمية فيما
يلي:
1- تعتبرها الهند عمقا أمنيا إستراتيجيا لها أمام الصين وباكستان.
2- تنظر إليها على أنها امتداد جغرافي وحاجز طبيعي مهم أمام فلسفة الحكم
الباكستاني التي تعتبرها قائمة على أسس دينية مما يهدد الأوضاع الداخلية
في الهند ذات الأقلية المسلمة الكبيرة العدد.
3- تخشى الهند إذا سمحت لكشمير بالاستقلال على أسس دينية أو عرقية أن تفتح
بابا لا تستطيع أن تغلقه أمام الكثير من الولايات الهندية التي تغلب فيها
عرقية معينة أو يكثر فيها معتنقو ديانة معينة.
ب- أهمية كشمير بالنسبة لباكستانأما أهمية إقليم كشمير بالنسبة لباكستان التي تعتبرها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو التفريط فيه، فيمكن تلخيصها فيما يلي:
1- تعتبرها باكستان منطقة حيوية لأمنها وذلك لوجود طريقين رئيسيين وشبكة
للسكة الحديد في سرحد وشمالي شرقي البنجاب تجري بمحاذاة كشمير.
2- ينبع من الأراضي الكشميرية ثلاثة أنهار رئيسية للزراعة في باكستان مما
يجعل احتلال الهند لها تهديدا مباشرا للأمن المائي الباكستاني.
قضية كشمير بين الباكستان والهند قضية كشمير بدأت في النصف الثاني من أربعينات هذا القرن وظلت حتى
اليوم بلا حل. نشأت المسألة بعام 1947 ذلك العام الحاسم الذي جرى فيه
انقسام شبه القارة الهندية إلى دولتين: دولة هندوسية باسم الهند ودولة
مسلمة باسم باكستان. وكانت أصول التقسيم التي جرت بأشراف الإدارة
الاستعمارية البريطانية كخطوة نهائية نحو الاستقلال الوطني تقضي بفرز
الولايات ذات الأغلبية السكانية الهندوسية لتتكون منها مجتمعة دولة الهند
والولايات ذات الأغلبية المسلمة لتتكون منها دولة باكستان.
وعلى أساس الأصل كان من المفروض أن تنضم ولاية كشمير ذات الأغلبية
المسلمة الساحقة إلى الدولة الإسلامية الباكستانية فماذا جرى؟ فإنه يعتبر
مكراً بريطانيا هنديا, ومما ساعد على هذا المكر إن حاكم كشمير آنذاك ـ
المهراجا (هاري سينج) لم يكن كأبناء شعبه مسلما بل وكان هندوسيا. لان جامو
وكشمير كانت صفقة البيع (التجارية المحضة) مع ثري من الأثرياء الهندوس،
يدعى غولاب سنج.. وهو من عائلة (دوجرا) الهندوسية، وحكمت تلك العائلة
البلاد حكمًا مماثلاً لحكم الإقطاع الدموي في أوروبا خلال القرون الوسطى
الميلادية، ومنها ينحدر حكام جامو وكشمير أيام الاستقلال عن الاستعمار
البريطاني، وقد أصبح الحاكم يوصف بالمهراجا لم يكن كأبناء شعبه مسلما بل
وكان هندوسيا.
الحاكم البريطاني الأخير في شبه القارة الهندية, اللورد مانتباتن, كانت
تربطه علاقة شخصية حميمة مع الزعيم الهندوسي جواهر لال نهرو.
هذه الحقيقة تبرز خطورتها السياسية بصورة أوضح إذا تذكرنا إن كشمير هي
مسقط رأس نهرو ووطنه. وبين نهرو والحاكم البريطاني جرى مكر لتغيير مسار
التاريخ بأن تتبع كشمير إلى الهند عوضا عن باكستان خروجا على قاعدة
التقسيم المعتمدة, وفي تطبيق هذه الأصول على الأرض كانت السلطة البريطانية
تقوم بإجراء ترشيح شعبي في أية ولاية يكون شعبها على غير دين حاكمهم أو
يكون الوجود السكاني فيها من الديانتين الهندوسية والإسلامية متقاربا.
هذا البند من الأصول لم يطبق على ولاية كشمير.. ومنذ البداية كان الأمر لا
يخلو من ريبة. فقد اجل البت بشأن مصير كشمير إلى نهاية السيناريو السياسي,
فصار مصيرها معلقا بعد إعلان قيام الدولتين.. الهندوسية والإسلامية.
وتراعي لرئيس الدولة الإسلامية الوليدة محمد علي جناح بعد أن صار أمر
المكر الهندي البريطاني أكثر من واضح ان يأخذ ولاية كشمير بالقوة المسلحة,
ولكن ما ان جرى الهجوم الباكستاني العسكري حتى وجد نهرو ـ ومن ورائه
البريطانيون ـ ذريعة فتم الايعاز إلى حاكم الهندوسي للولاية ان يطلب رسميا
عون الحكومة الهندية, وعلى الفور هبطت على كشمير قوات هندية هي نواة
الوجود العسكري الهندي الضخم الباقي حتى اليوم.
وبناء على شكوى باكستانية انتقل الأمر إلى الأمم المتحدة, وكانت قضية
واضحة لمعالم لصالح الطرف الباكستاني من منظور القانون الدولي, فصدر قرار
عن المنظمة الدولية يقضي بأجراء ترشيح شعبي في كشمير تحت أشراف دولي ليكون
إمام الشعب الكشميري خياران : إما اختيار الانضمام إلى الهند أو اختيار
الانضمام إلى باكستان. والآن وبعد أكثر من نصف قرن لا يزال هذا القرار
ساريا قانونيا.. لكن على الورق فقط.