المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام
العناية بالموهوبين والنابغين 482922
المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام
العناية بالموهوبين والنابغين 482922
المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 العناية بالموهوبين والنابغين

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جمعه الناصري

جمعه الناصري


عدد المساهمات : 263
نقاط : 55038
تاريخ التسجيل : 05/05/2009
المزاج : حب الله والرسول ونصرة الامه الاسلامية

العناية بالموهوبين والنابغين Empty
مُساهمةموضوع: العناية بالموهوبين والنابغين   العناية بالموهوبين والنابغين I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 31, 2009 3:50 am



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق الإنسان وجعل فيه أسراراً عجيبة، وأمر بالنظر في آيات الأنفس وأسرارها والكشف عن نفائسها ومواهبها، نحمده سبحانه وتعالى خلق فسوى وقدر فهدى، ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ )، والقائل سبحانه ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) .

ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، أزكى الناس خُلقا، وأعلاهم منزلا، وحسنهم سيرة، وأخلصهم سريرة، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله:

إن الله أمرنا بأن نتفكر في آيات الله في أنفسنا، (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)، فكم في هذه النفس البشرية من طاقات عظيمة، في سمعه وبصره، في عقله وفكره، في لسانه وجنانه، في قوته وبِنيته، في حركاته وسكناته؛ بل في كل خلية من خلاياه، وبقدر ما تكون هذه النعم والآيات دافعاً للإنسان لشكر المنعم والعمل الصالح وتعظيم الخالق جل جلاله، يستشعر الإنسان أمام خالقه ومولاه ضعفه وحاجته وفقره إليه، مع هذا كله أراد الله منه أن يكتشف ما في نفسه من طاقات ليفجرها ويستخرج نفائسها وكنوزها، ويثمر مكنوناتها لما فيه سعادته وسعادة البشرية وبناء صروح التقدم والمجد والحضارة.

وإن الله ما خلق خلقاً أعز وأكرم من الإنسان، هذا الإنسان الذي أكرمه الله تعالى بأن أسجد له ملائكته، وجعل زمام الأمور في هذه الأرض بيده لأنه خليفته، وسخر له ما في السموات والأرض جميعا منه، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، ورفع قدره على كل المخلوقات، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا.

وكفى بالعلم الذي وهبه الله هذا الإنسان منة ورفعة، فبه أخرجه من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة والحضارة، وجعله يطير بجناحي الابتكار والاختراع، فيفجر الطاقات والمواهب الكامنة، ويصنع له من الآلات والوسائل ما يمهد له سبل العيش الكريم والحياة الرغيدة، وحلَّق بالعلم إلى آفاق الاكتشاف، وسبر أغوار هذا الكون البديع ليسخر معطياته فيما يجعله متميزاً على غيره من المخلوقات جميعا.

رغم أن ما أوتي الإنسان من العلم إزاء علم الله عزوجل لا يساوي قطرة في بحر لجي، يقول جل ذكره: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً)، ويقول تعالى: ( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .

ولذلك كان لزاماً على الإنسان أن يعود بالنظر إلى نفسه، فيتأمل ما أودع الله فيها من مواهب فيبرزها، ويقتنص ما فيها من درر ونفائس فيجليها وينميها فيرتفع بها وينتفع بخيراتها، وكم في القرآن الكريم من حض على السير في الأرض واستجلاء آيات الله في الآفاق، وكم فيه من الدعوة إلى البحث والنظر والتدبر والتفكر، ليكون مكتشفاً لها مجنداً طاقاتها فيما يرضي الله بعمارة الكون والعمل الصالح، يقول سبحانه: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ)، ويقول جل جلاله: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ويقول جل ثناؤه: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، ويقول تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) .

وكذلك بالنظر في بديع خلق الله سبحانه للتفكر في عظيم صنعه وتسخيره لمنافعه، يقول الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

وفي السنة المطهرة جاء عن رسول الله r قولاً وفعلاً وأمراً ونهياً، ما فيه شحذ الهمم واستنهاض العزائم، واكتشاف الطاقات الكامنة، فهو r جند جميع ما وهبه الله من طاقات النبوة وما بسط الله له من مواهب في ذاته الكريمة عليه الصلاة والسلام لنشر الدعوة وإصلاح الناس ونشر راية الحق والرحمة والعدل في جميع هذا الوجود، ونفخ من روحه الطاهرة العلية الزكية في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم ما جعلهم أبطالاً وأفذاذاً ورواداً وعظماء فاتحين ومعلمين البشرية عظمة الإسلام، فقد عني بهم عناية فائقة من أجل تربيتهم وتوجيه سلوكهم وأخلاقهم، ووضع كل شخص منهم في موضعه، ووجه مواهبهم المباركة نحو أفق لا يعرف حدوداً، منطلقين وموجهين لطاقات الإنسانية في إعمار هذا الوجود بكل ما يرضي الله تعالى ويحقق منهجه في الأرض.

كان من هديه r أنه يختار الرجل المناسب فيضعه في المكان المناسب، لما يعرف من مواهبه وبراعته في القيام بتلك المهمة، فكان يضع أحدهم قائداً لجيشه كما صنع مع أسامة بن زيد الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، واتخذ له r كتبة للوحي كأُبيِّt والخلفاء الأربعة لما يعلم من تمكنهم من ذلك، وقال في عبدالله بن مسعود t : "من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد"، ودعا لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" وكان ابن عباس بعد ذلك مرجع الناس في كتاب الله، وقال r في الإمام علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-: "لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" وفعلاً فتح الإمام علي حصن خيبر بعد أن استعصى على القواد قبله.

وقد بعث r معاذاً t معلماً لأهل اليمن لما يعلم فيه من القدرة العلمية والمنهج السليم في تعليم الناس، وبعث مصعب بن عميرt معلماً لأهل المدينة، حتى سمي المقرئ ومعلم الناس الخير، وكان من بركة إخلاصه وجهوده أن دخل الإسلام كل بيت في المدينة.

ولم يغفل r أهل الإعاقات بل جعلهم في المكان المناسب لهم، فعندما خرج من المدينة جعل عبدالله ابن أم مكتومt إماماً يصلي بالناس رغم أنه كان أعمى، وكان حسان بن ثابت t شاعر رسول الله r فوجه موهبته للذب عن حياض الدين، يقول له نبينا الكريم: "اهجهم وروح القدس معك".

بل علاج r النفوس الضعيفة التي ألفت الدعة والكسل وقتلت مواهبها، شكا رجل الى النبي r شدة الفقر فقال له r: "من عندك في البيت؟" قال: أنا والعجوز، قال: "ماذا عندك من أثاث البيت؟" قال: حلسٌ نفترش نصفه ونلتحف بالنصف الآخر، وقعبٌ نأكل ونشرب فيه، قال: "عليَّ بهما" فأخذهما وقال: "من يشتري مني هذين؟" فباعهما بدرهمين، وأعطى الشاب الدرهمين، وقال: "اذهب فاشترِ بدرهم طعاماً واتركه عند أهلك، واشتر بدرهمٍ فأساً وحبلاً وائتني بهما"، فذهب وأحضر الفأس والحبل، فأخذ صلى الله عليه وسلم عوداً ووضعه في الفأس وقال: "خذ واذهب واحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوماً"، فغاب الرجل خمسة عشر يوماً ثم أتى فقال: بارك الله فيما أمرتني به , اكتسبت عشرة دراهم, فاشتريت لأهلي بخمسة طعاماً وبخمسة كسوة، فقال r: "لأن يأخذ أحدكم حبلاً فيحتطب فيبيع فيستغني، خيرٌ من أن يتكفف الناس السؤال أعطوه أو منعوه، ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستغن يغنه الله".

كما رفع عليه الصلاة والسلام من شأن النابغين والعاملين والمكافحين وأشاد بهم، رأى رسول الله r رجلاً تشققت يده من العمل فشد عليها ورفعها وقال: "هذه يد يحبها الله ورسوله"، ويقول r في نفس المعنى: "من أمسى كالاً من عمل يده، أمسى مغفوراً له"، وقال r: "إن الله يحب العبد المحترف"، فانظروا-رحمكم الله- كيف يرفع عليه الصلاة والسلام من شأن المحترف، وأن الله يحبه.

وكان من أصحابه r أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وخالد بن الوليد سيف الله والقعقاع بن عمرو عن ألف فارس، وعثمان ذو النورين الذي جهز بأمواله جيش العسرة، وعبد الرحمن بن عوف الذي أنفق أمواله في سبيل الله، والأبطال المجاهدون الذي جابوا الأرض فشرَّقوا وغرَّبوا وفتحوا الآفاق، والعلماء الذين برعوا في العلوم وتركوا تراثاً عظيما، والتجار الذين نشروا بصدق معاملتهم مبادئ الدين الحنيف، ولو عددنا ما أحصينا، تلك مواهبهم صبُّوها في نصرة الإسلام وإعمار الأرض بالخير، حتى غدت أمة الإسلام أمة الحضارة والمجد والرقي قدوة للعالم ومرجعاً للمعارف ومناراً للهدى وريّاً للظمآن، وخلاصاً للبشرية من كل معضلاتها ومشكلاتها وأمراضها.

أيها الإخوة الأعزة:

إن هذه الأمة بها كثير من الطاقات، كيف لا؛ والله شرفها بأعظم كتاب هو القرآن الكريم، وبأجل رسالة وهي الإسلام، وبأكرم نبي هو محمد r، فجمع الله لها جوامع الخيرات، وجمع له من الفضائل الكثيرة، حتى موقعها الجغرافي يشكل لها ثروة عظيمة، منافذها البحرية، أجواؤها، ثرواتها الأرضية من نفط وزراعة ومعادن، حضارتها ومجدها العلمي، كل ذلك ينبغي أن يستغل، فكيف بالنفس البشرية المكتشِفة المبتكِرة المخترِعة، التي تسير على منهج الله.

كثير منا يحمل بين جنبيه مواهب كامنة وطاقات هائلة لو أحسن استغلالها ووجهها التوجيه الصحيح، وصقلها وغذَّاها بالمعارف والتجارب والخبرات لرأينا شيئاً بديعاً من التقدم والإنتاج والاختراع والعطاء.

والعجب من حال غير المسلمين كيف تقدموا وابتكروا واخترعوا، وتقدموا علينا حتى أغرقونا بشتى صناعاتهم وإنتاجهم، فرأينا سيلاً هادرا من اختراعاتهم في مقتنياتنا، اتصالاتنا، وسائل تنقلنا، في كل مناحي حياتنا، رغم أنهم بلا كتاب سماوي ولا هدي رباني، ولكنهم عرفوا مبدأ العمل، وعرفوا قيمة الإنسان فاستخرجوا طاقاته ورعوا مواهبه واعتنوا بصقل تجاربه حتى أخرجت لهم هذا الخير العظيم، والمسلمون أولى بهذا من غيرهم، لأنهم أصحاب المنهج والرسالة، مع رصيدهم العلمي والتأريخي التليد، وما عندهم من ثروات وخيرات مبثوثة.

ولما قام أوائلنا بالأمانة خير قيام، وعرفوا تلك المواهب، اعتنوا بها حتى صاروا رادة العالم في المعارف والابتكار والاختراع، فأصبح العالم عيالاً عليهم، يستمد من فكرهم وعلمهم ومعارفهم وسبقهم في كل العلوم والاختراعات.

فعلينا أن نستحضر هذه الحقائق، وأن نقوم بهذه المهمة خير قيام، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، وادعوه يستجب لكم؛ إنه هو البرّ الكريم.

*************

الحمد لله الذي هدانا إلى سواء السبيل، وهدانا إلى هذا الدين، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونشهد أن لا إله إلا الله أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، ونشهد أن سيدنا وقدوتنا محمداً عبدالله ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، r وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله:

إنكم تجدون حملة الرسالة وهم أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام أصحاب همم عالية، كانوا من أرباب الحرف، ولم يجدوا غضاضة في ذلك، مع عظيم مهامهم لحملة رسالة السماء وتبليغها للناس، فكان منهم الحداد والصانع كداود u يقول سبحانه: ( وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وكان منهم النجار والخياط، وكل نبي من أنبياء الله رعى الغنم، وكانوا قادةً للأمم، وكان على رأسهم رسولنا الكريم r، يقول عليه الصلاة والسلام: "ما من نبي إلا وقد رعى الغنم" قيل: وأنت يا رسول الله ؟ قال: " وأنا " r .

إن الأمة-أيها الإخوة- مسئولة عن رعاية هؤلاء الموهوبين والنابغين، من الصغار والكبار، ومن الرجال والنساء، بتوفير الأجواء المناسبة لهم، تربية وتثقيفاً وتعليماً وفكراً وشحذاً لمواهبهم، وأن تصرف عليهم الأموال وتقام لهم من المسابقات التي تذكي روح المنافسة بينهم في فنون العلم والمعرفة والابتكار والإنتاج، وتبذل لهم من الجهود ما تجعل كل فرد من أفراد المجتمع إنساناً عبقرياً فذّاً نافعا لنفسه ومعطاء لمجتمعه وأمته.

لابد من هذا الاهتمام، فكم تملك الأمة من نُبغاء وعلماء وفقهاء وخطباء وأدباء وشعراء، ومفكرين ونابهين وموهوبين ومخترعين ومحترفين لشتى الحرف، ومصلحين ودعاة عاملين، فمن يعتني بكل هؤلاء إن لم تعتنِ بهم أمتهم، فرُبَّ واحد كألف في العطاء إذا وجد اليد الحانية التي تعتني به، ورُبَّ ألف لا قيمة له إذا ضُيِّع وأهمل، وكم هاجرت من عقول من أوطانها بحثاً عن من يعتني بها، عندما لم تجد من يحتضنها ويقوم بشأنها، ويوفر لها الأجواء المناسبة.

وعلى كل واحد منا أن يعتني بنفسه، وأن يكتشف ومواهبها وينميها بشتى المعارف والخُبُرات، فلا يدع مجالاً للتثقيف أو دورة للتدريب أو سبيلاً لكسب المعرفة والصنعة إلا سلكه، وليغتنم الفرص، فإن الفرص التي لا تستغل تضيع فلا ترجع، حتى إذا فاتته جلس يندب حظه.

هذه الأمة مدعوة للقراءة والثقافة في أول الأمم، فكيف تبتعد عن الكتاب أمةٌ كان أولُ ما أنزل عليها من وحي السماء (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

إن كل أحد عليه مسئولية خاصة وعامة، فالخاصة بأن يعتني بنفسه لصقلها واستخراج كنوزها، ومسئولية عامة بأن يربي أبناءه تربية صالحة وأن يوفر لهم من الأجواء تثقيفاً وتعليما وصقلاً ما يبرز مواهبهم ويعلو بشأنهم، وتتضاعف المسئولية على كل مسئول في الأمة رعايةً لكل نابهٍ ونابغٍ وموهوب، حتى يُوجَّهوا التوجيه السليم، في كل المجالات والمناحي، وللإعلام دوره في إبراز مواهبهم، وتعريف الناس بطاقاتهم وإنتاجهم، وعلى كل المؤسسات أن توفر الفرص وأن تفتح مجالات البحث والمعرفة والابتكار والإنتاج، ساعتها يكون لهذه الأمة الشأن العظيم والعيش الكريم.

أيها الإخوة:

عندما تضيع الفرص وتُهمِل الأمة شبابها النابض وتهدر طاقاتها وتضيع الموهبين فيها ، تجد كثيراً من الانحراف، فبدل أن يكون نابغاً في البناء يكون نابغاً في الهدم، وبدل أن يكون دافعاً لأمته إلى الأمام يكون دافعاً لها إلى الوراء، وبدل أن يطير بها إلى العلياء يعود بها إلى الظلماء.

فكم من إنسان رزقه الله صوتاً رائعاً جميلاً، عندما لم يجد من ينمي له موهبته صار يستخدمها مزماراً للشيطان لركوب الآثام، وكم من فتى أو فتاة لو وجد من يربي خلقه ويشحذ هممه لقدَّم وأعطى، فلما أُهمِل حاد إلى الغواية وقتل موهبته وأشقى أمته، وكم من قوي الساعدين لو وجد من يوجه قواه في البناء لأنتج وأعطى، وعندما لم يجد الاهتمام صار يستخدمه في الإيذاء والاعتداء، وكم من صاحب ثروات وأموال لما لم تُستغل أنفقها في البلاء والضياع، وكم من شاب يملك ذكاء وقادا وفكرا نابهاً ونبوغاً لو وُجِّه توجيهاً صحيحاً لأبدع وابتكر، لكن في غياب الرعاية والاهتمام أصبح لصاً محترفاً أو مخرباً مدمراً.

وكم من مسئولية ومنصب يمكن أن يكون وسيلة للإنتاج والإصلاح والإدارة الناجحة للمؤسسات العامة والخاصة، فلما لم تُستغل صارت وسيلة للمنافع الشخصية والتضييع للمسئولية، وكم من عامل أو موظف لو دُرِّب أو صُقلت مواهبُه لقدَّم الخير الكثير لمجتمعه، ولكن تُرك وأُهمِل فماتت مواهبُه ولم يتقدم خطوة واحدة، وكم من طاقات عقلية وفكرية وجسمية كان يمكن أن تكون طريقاً للعمار، فلما ضُيِّعت انقلبت تقتحم الفضيلة، وتتفنن في الإفساد والغواية.

عندما توجه الطاقات في غير مسارها، وتُحرف عن طريقها، كم تجر من ويلات على نفسها وأممها، فكيف حياة أمة قتلت مواهبها وقضت على هذه النعم العظيمة، وإن الله سائلنا عن هذه الطاقات والنعم، ماذا صنعنا بها؟ وكيف وجهناها؟ (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) .

فعلينا أن نتبصر في هذه الحقائق، وأن نضع الأمور في مواضعها، نسأل الله أن يوجه هذه الأمة الوجهة الصالحة، وأن يبارك في كل الجهود المبذولة في سبيل الخير والنماء والعطاء بالعناية بكل ذي موهبة ومعرفة ونبوغ، حتى نفتح صفحة جديدة عنوانها الحضارة والتقدم لأمة الإسلام في كل المجالات.

هذا وصلوا وسلموا ....................
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علياء

علياء


عدد المساهمات : 92
نقاط : 53308
تاريخ التسجيل : 05/09/2009
المزاج : احمد الله ... لاني مسلمة

العناية بالموهوبين والنابغين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العناية بالموهوبين والنابغين   العناية بالموهوبين والنابغين I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2009 2:24 am

شكرا لك على الموضوع المهم اخي
بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جمعة الناصري
Admin



عدد المساهمات : 263
نقاط : 55005
تاريخ التسجيل : 05/05/2009

العناية بالموهوبين والنابغين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العناية بالموهوبين والنابغين   العناية بالموهوبين والنابغين I_icon_minitimeالأربعاء يناير 06, 2010 4:46 pm

لاشكر على واجب شرفتم الموضوع بمروركم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://forsanislam.yoo7.com
 
العناية بالموهوبين والنابغين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام :: منتدى اقلام فرسان الاسلام-
انتقل الى: