المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام
محاضرة شبابنا إلى أين؟!! 482922
المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام
محاضرة شبابنا إلى أين؟!! 482922
المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 محاضرة شبابنا إلى أين؟!!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جمعة الناصري
Admin



عدد المساهمات : 263
نقاط : 55225
تاريخ التسجيل : 05/05/2009

محاضرة شبابنا إلى أين؟!! Empty
مُساهمةموضوع: محاضرة شبابنا إلى أين؟!!   محاضرة شبابنا إلى أين؟!! I_icon_minitimeالإثنين يناير 25, 2010 3:02 pm






محاضرة شبابنا إلى أين؟!!
لسماحة الشيخ العلامة:
أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله ومتعنا بحياته وعلمه
المفتي العام لسلطنه عمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين . أحمده
تعالى حمداً يوافي نعمه، و يكافئ مزيده، لا حد لغايته و لا أمد لنهايته ،كما ينبغي
لجلال وجهه و عظيم سلطانه ، و اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و اشهد
أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ، أرسله الله بالهدى و دين الحق ليظهره على
الدين كله و لو كره المشركون صلوات الله و سلامه عليه و على آله و صحبه أجمعين و
على تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .



أما بعد فالسلام عليكم أيها المشائخ و الأخوة و الأبناء و
رحمة الله و بركاته أحيكم بهذه التحية الطيبة المباركة و أحمد الله تعالى على
إتاحة هذه الفرصة الميمونة بالاجتماع بكم في هذا الجامع الشريف و في هذا البلد
العريق و في هذا اليوم المبارك في هذه الساعة الميمونة منه الحمد لله على هذه
الفرصة . هذا و لا ريب أنكم تدركون جميعاً مدى خطورة تآمر أعداء الإسلام من أجل
تفتيت صخرة هذا الدين و القضاء على كيانه و الإتيان على بنيانه ، فهم يسعون سعياً
حثيثاً من أجل الوصول إلى هذه الغاية و لولا عناية الله تبارك و تعالى و حفظه لهذا
الدين و حفظه للذكر الذي جعله سبحانه وعاءً لهذا الدين الحنيف لما بقي اليوم من
الإسلام شيء مع هذا التآمر البالغ و المخططات الجهنمية الرهيبة من قبل أعداء
الإسلام ، و إنكم لتبصرون ما وصلت إليه هذه الأمة من المهانة مع كثرة عددها و مع
كثرة ما أتاها الله سبحانه و تعالى من فضل فهي لم تؤت من قلة و لم تؤت من فقر و
إنما أتاها عدوها من حيث ابتعدت عن النهج الرشيد الذي تركها عليه رسول الله عليه
السلام و خلفاؤه الراشدون و صحابته الأعلام رضي الله تعالى عنهم ، فالأمة أسلست
القياد لعدوها و لذلك أصبحت تركع أمام عدوها تستجدي منه الرحمة ، و تسأله الحل
لمشكلتها و أنى للعدو أن يرحم عدوه و أنى للعدو أن يحل مشكلة عدوه مع أن تلك
المشكلة ما جاءت إلا من قِبَل ذلك العدو الذي يُسترحَم و يُستعطَف ، فالأمر إذاً
بالغ الأهمية و من المعلوم أن عُدة كل أمة و عمدتها شبابها فبقدر ما يكون عليه
الشباب من الصلاح و الاستقامة و الخير و الرشد و الطموح يكون ارتفاعها و يكون
تقدمها و بقدر ما يكون عليه شبابها من انحطاط و فساد و شر و انطواء على نفسه و عدم
تطلع إلى معالي الأمور و رضاه بسفاسفها يكون انحطاطها و يكون تأخرها و قد أدركت
فئة بل فئات الإسلام ذلك كله فلذلك استهدفت الشباب في عقيدته و في أخلاقه و في
مثله و



حاولت بكل وسيلة من الوسائل و لا سيما وسائل هذا العصر
الرهيبة أن تستظله و أن تغويه و مخططات أعداء الإسلام كلها تصب في مصب واحد فقد
يختلفون فيما بينهم و لكن مع هذا الاختلاف هم يلتقون على هذه الغاية التي يسعون
إليها جميعاً و هي غاية تفتيت هذه الصخرة التي وقفت في سبيلهم من خلال إيهان شباب
الأمة و إضعافهم و من بين هذه المخططات ، المخططات التي تتعلق بالفكر ، و لا ريب
أن الفكر أمر خطير جداً فإن استقامة الفكر هي التي تؤدي إلى استقامة الأحوال كلها
و انحراف الفكر هو الذي يؤدي إلى انحراف جميع الأمور و من أجل ذلك عندما بعث الله
سبحانه و تعالى رسله كانت مهمتهم الأولى تصحيح الفكر عند الناس و نبينا صلوات الله
و سلامه عليه ظل بمكة المكرمة 13 عاماً يبني الفكر الصحيح في الأمة يصلها بربها
سبحانه و تعالى و يصلها باليوم الآخر و يصلها بخيرة خلق الله برسل الله المصطفيين
الأخيار و بالملأ الأعلى و يصلها بجميع القيم الفكرية لتكون الصورة واضحة و لتكون
الفكرة سليمة حتى يكون الإنسان خبيراً بيومه و بغده و يكون خبيراً بما يجب عليه
بحيث يعرف من أين جاء و إلى أين ينتهي و ماذا عليه أن يعمل في هذه الرحلة ما بين
مبدأه و مصيره، و عندما بدأ التشريع ينزل كان الجانب الفكري أيضاً يعطى عناية و
لذلك نجد في القرآن الكريم في الآيات التشريعية ما يتعلق بجانب الفكر بجانب تصحيح
العقيدة و تقويمها من أجل أن تكون صلة الإنسان بربه سبحانه صلة قوية و أن تكون
صلته بمعاده صلة واضحة بينة.



وأعداء الإسلام حاولوا أن يشككوا الإنسان في هذا الفكر
فلذلك لا يفتأون يحاولون أن يبعدوا الإنسان المسلم و لاسيما الشاب المسلم عن فكره
السليم يريدون أن يشككوه في القرآن الكريم و يريدون أن يشككوه في النبي العظيم
عليه وعلى آله و صحبه أفضل الصلاة و التسليم بل يريدون أن يشككوه في ربه سبحانه
وأن يشككوه في معاده وهذا الأمر ليس وليد اليوم والأمس بل هو أمر موغل في التاريخ
وعندما جاءت الغزوة الاستعمارية الكبرى في العصر الحديث كان تحطيم الفكر في مقدمة
مخططات هذه الغزوة كيف و نحن نرى فيما يقوله القس زويمر - لعنه الله - في مؤتمر
القدس الذي انعقد قبل نحو ثلثي قرن من وقتنا هذا ما يدل على أن المخططات التنصيرية
إنما تصب في مصب إبعاد الإنسان المسلم عن الفكر السليم فهو عندما تحدث إخوانه
القساوسة عن فشلهم في تنصير المسلمين رد عليهم بقوله: إن مهمة التبشير التي ندبتكم
من أجلها الدول النصرانية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست من أجل تنصير المسلمين
فإن في ذلك هداية لهم وتكريما وإنما هي من أجل إخراج المسلم من الإسلام وجعله
مخلوقا لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في
حياتها و بهذا تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في البلاد المحمدية ثم
قال : إنكم نجحتم من حيث إنكم أخرجتم جيلاً لا هم له إلا في شهواته فهو إن رقى إلى
أعلى المناصب إنما يرقى من أجل شهواته و إن جمع المال فإنما يجمعه من أجل شهواته و
هكذا نجد كيف يكون تحطيم الفكر عند أُولئك.



ثم إنه مع هذا التطور السريع في عصرنا هذا الذي نعيشه نجد
كيف استغل أعداء الإسلام وسائل التقنية الحديثة من أجل هذا الأمر نفسه ووسائل
الإعلام التي لا تقف عند حد و التي تتخطى جميع الحواجز و تقتحم جميع الأسوار و تلج
على الناس في بيوتهم من غير استئذان أصبحت من وسائل تحطيم الفكر الإسلامي كما هو
ظاهر وقبل مدة غير بعيدة كتب أحد نصارى العرب مقالات متتابعة بثها عبر شبكة
المعلومات و الاتصالات العالمية يشكك في مقالاته هذه جميعاً في القرآن و يشكك في
نبينا محمد عليه و على آله و صحبه أجمعين و يحاول أن يصف النبي بالصفات الدنية و
يحاول أن يوجد ما يشكك الناس في القرآن من حيث إنه يزعم أنه متناقض في أمور شتى كل
ذلك من أجل إبعاد المسلم عن الإسلام من أهم الأمور التي سعى إليها أولئك الأعداء
الماكرون و الدهاة الذين لا يقف دهاؤهم عند حد أنهم أورثوا الإنسان المسلم
ارتياباً في مبدئه و شكاً في عقيدته و عدم ثقةٍ بيومه و بأمسه بحاضره و بماضيه
فإنهم يشككون المسلم في أعز ما يجب أن يحرص عليه و يستمسك به فهم يحاولون أن
يوجدوا في نفسية المسلم خلخلة و هي التي يسمونها بمركب النقص أو يسمونها بالهزيمة
النفسية يحاولون إيجاد هذه الخلخة ليكون هذا الإنسان غير واثق بدينه و غير واثق
بفكره بحيث يستحي من هذا الفكر و من عرضه و من الاعتداد به و هذا أمر لم يبتلى به
عامة الناس فحسب بل وصل حتى إلى خاصتهم فكم من تنازلات قدمها العلماء الذين
يعتبرون على ذروة الهرم الإسلامي من أجل إرضاء أعداء الإسلام كم حضرنا من مؤتمرات
و سمعنا في هذه المؤتمرات كلمات التزلف من أناس يعتبرون قمة في العلم عند المسلمين
يتزلفون إلى أعدائهم ليرضوا عنهم و هيهات الرضى و الله سبحانه و تعالى يقول ((
وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ
)) كم من كلمات قالوها تزلفاً إليهم و مما سمعناه منهم أنهم يقولون : إن الديانات



الإبراهيمية الثلاثة كلها تصدر من مشكاة واحدة وكلها تؤدي
إلى غاية واحدة و لا فرق بينها يعنون بالديانات الإبراهيمية : اليهودية و
النصرانية و الإسلام ، مع أن الله تبارك و تعالى برأ إبراهيم عليه السلام من
اليهودية و النصرانية و قال : ((مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيًّا وَلاَ
نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ)) مع أن الله سبحانه و تعالى أيضاً بين في كتابه الكريم أن دينه
دين واحد فليس لله دين يسمى اليهودية و ليس له دين يسمى دين النصرانية إنما الدين
هو الإسلام الذي ارتضاه الله سبحانه و تعالى للبشر جميعاً و أرسل من أجله رسله و
أنزل به كتبه فالله تعالى يقول : ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)) و
يقول : ((وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) و يقول عز من قائل : ((شَرَعَ لَكُم مِّنَ
الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا
بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي
إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ)) ويقول سبحانه و تعالى
مبيناً أن نوحاً عليه السلام بعث بالإسلام بعث بهذه الملة التي بعث بها الرسول صلى
الله عليه و سلم مع اختلاف الشريعة و ذلك عندما حكى سبحانه عنهم قوله ((وَأُمِرْتُ
أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) و كذلك بين سبحانه و تعالى في كتابه أن كل
نبي من أنبيائه إنما أرسل بعقيدة التوحيد فقد قال تعالى(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن
قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا
فَاعْبُدُون ِ)) ، و قال سبحانه (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ
رَّسُولاً أَنِ



اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ )) و حكى
سبحانه عن جماعة من الرسل أنهم قالوا لقومهم (( اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم
مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )) و حكى عن المسيح عليه السلام قوله (( اعْبُدُواْ اللّهَ
رَبِّي وَرَبَّكُم )) كذلك نجد أن الله سبحانه و تعالى يبين أن التوراة التي أنزلت
على موسى كان يحكم بها النبيون المسلمون حيث قال (( إِنَّا أَنزَلْنَا
التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ
أَسْلَمُواْ )) ، كذلك يقول سبحانه و تعالى في قرية لوط عليه السلام ((
فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا
غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ )) و يحكي سبحانه و تعالى عن موسى عليه السلام
أنه قال لقومه (( على الله توكلوا أن كنتم مسلمين )). كذلك حكى الله سبحانه و
تعالى عن سحرة فرعون أنهم عندما ءامنوا قالوا (( توفنا مسلمين )) و حكى عن فرعون
نفسه أنه عندما أدركه الغرق إدعى الإسلام حيث قال سبحانه وتعالى فيما يحكيه من
قصته (( حتى إذا أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إله إلا الذي ءامنت به بنو إسرائيل
و أنا من المسلمين )) و ذكر أن يوسف عليه السلام سأل ربه سبحانه أن يتوفاه على
الإسلام فقد حكى عنه قوله (( رب قد ءاتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث
فاطر السماوات و الأرض أنت ولي في الدنيا و الآخرة توفني مسلماً و ألحقني
بالصالحين )) و حكى عن إبراهيم عليه السلام قصته في رفعه قواعد البيت مع إسماعيل
عليهما السلام فحكى عنهما أنهما قالا (( ربنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذريتنا أمة
مسلمة لك )) ثم قال سبحانه (( و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه و لقد
اصطفيناه في الدنيا و إنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت
لرب العالمين )) ثم بين أن الإسلام وصية إبراهيم عليه السلام و يعقوب عليه السلام
أيضاً لبنيهما حيث قالوا



(( ووصى بها إبراهيم بنيه و يعقوب يبني إن الله اصطفى لكم
الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون 0 أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوبَ الموتُ إذ قال
لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك و إله ءابائك إبراهيم و إسماعيل و إسحاق
إلهاً واحداً و نحن له مسلمون )) بل ذكر الله تعالى أهل الكتاب الذين ءامنوا
بالنبي صلى الله عليه و سلم عندما بعث و حكى عنهم أنهم أعلنوا كانوا على الإسلام
من قبل بعث النبي صلى الله عليه و سلم فقد قال (( الذين ءاتينهم الكتاب من قبله هم
به يؤمنون و إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله
مسلمين )) أي قبل أن ينزل القرآن على قلب النبي عليه و على آله و صحبه أفضل الصلاة
و السلام فما بال هذا المسلم يقدم هذا التنازل لأعدائه و يقول بأن الديانات الثلاث
جميعاً هي ديانات إبراهيمية و أنها تصدر من مشكاة واحدة و أنها لا فرق بينها ما
هذا الانهزام العجيب و ما هذا التزلف إلى أعداء الإسلام و هل أجدى ذلك هؤلاء عند
أعدائهم شيئاً أو أن ضراوة أعدائهم اشتدت عليهم فالوحش الضاري لا يرحم فريسته
عندما تحاول أن تسترحمه و تستعطفه و هكذا كان الأمر ، و هذه المأساة التي يعايشها
الآن المسلمون هي أكبر دليل على ذلك. فأن اليهود الذين تزلف إليهم المتزلفون و
تقرب إليهم المتقربون و حاولوا أن يتنازلوا عن أفكارهم و مبادئهم و عقيدتهم
وأخلاقهم من أجلهم لم يجدهم كل ذلك عندهم شيئاً بل اشتدت ضراوتهم عليهم فهذا مثال
من الأمثلة الكثيرة التي تدل على ما أصاب الأمة من ضعف في إيمانها و انهزام في
فكرها و تراجع عن مبادئها و عقيدتها.



وهناك الكثير الكثير من المؤامرات التي يستهدف بها شباب
المسلمين من بين هذه المؤامرات ما ذكرته فيما حكيته عن القس زويمر من محاولة
إغراقهم في الشهوات فإن الأمة التي تغرق في الشهوات لا تستطيع أن تخرج من مستنقعها
بل تبقى أسيرة لها و لذلك نجد أن الإسلام الحنيف جاء بما يرفع المؤمن عن الإستسلام
للشهوات والإنقياد لها بل جاء الإسلام الحنيف بما يجعل المسلم متحكماً في غريزته
مسيطراً على شهوته لتكون هذه الطاقات كلها طاقات بناء بدلاً من أن تكون طاقات هدم
ولذلك أمر بتوجيه الغرائز نحو الوجهة الصحيحة فأمر بالمسارعة إلى الزواج الشرعي
حتى يفرغ الإنسان شهوته في الحلال الطيب فالله سبحانه و تعالى يقول (( وَإِنْ
خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ
النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ
فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا ْ))
و يأمر الله سبحانه و تعالى بتيسير ذلك أي بالزواج عندما يقول تعالى ((وَأَنكِحُوا
الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن
يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))
والرسول عليه أفضل الصلاة و السلام يقول ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة
فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) و
قد حبب إلى كثير من الشباب العزوف عن الزواج في هذا العصر و الرغبة في حياة الحرية
حسب ما يزعمون و ما هي إلا حياة العبودية للشهوات ومن أخطر هذه الشهوات التي حطمت
كيان الشباب و أضعفت الأمة .



تفشي الخمر في مجتمعات المسلمين الخمر التي هي أم الخبائث
بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم و التي أخبر القرآن الكريم بمخاطرها عندما قال
سبحانه و تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 0 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن
يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ))
نعم إن الله سبحانه وتعالى أكد تحريم الخمر في هاتين الآيتين بما لا مزيد عليه
فالله سبحانه أولاً قبل كل شئ قرنها بالميسر و بالأنصاب و بالأزلام و بين أنها رجس
و أنها من عمل الشيطان و أمر باجتناب جميع ذلك عندما قال (( فاجتنبوه )) وناط
الفلاح بهذا الاجتناب عندما قال (( لعلكم تفلحون )) ثم بين ما يريد الشيطان بتحبيب
الخمر و تحبيب الميسر إلى الناس عندما قال (( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم
العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدكم عن ذكر الله )) فهي مسببة للبغضاء و
مسببة للعداوة و هي سبب للصد عن ذكر الله وعن الصلاة ثم استنفر الهمم من أجل البعد
عن الخمر حيث قال سبحانه و تعالى (( فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ )) و لننظر كيف
جاءت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم منفرة من الخمر ومبينة
خطورة تعاطيها وخطورة التعامل معها أي معاملة كانت فالنبي عليه أفضل الصلاة
والسلام يقول: (( لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبايعها ومبتاعها وعاصرها
وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها كل هؤلاء مشتركون في اللعن. و جاء في الحديث عن
الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة عاق و لا مدمن خمر ) كذلك يقول عليه
الصلاة والسلام ( مدمن خمر كعابد وثن ) إذ الإنسان لا تكون له قيمة و هو يسلب نفسه
هبة الله



تعالى الكبرى التي وهبه إياها ، هبة العقل الذي ميز الإنسان
عن البهيمة ورفع قدر الإنسان وجعله الله له نوراً وبصيرة فكيف يرضى الإنسان لنفسه
وقد رفع الله درجته وكرمه تكريماً أن يرضى المهانة لنفسه كم من مهانة يقع فيها
شراب الخمور كم من مهانة ينحط إليها أناس كانوا كرماء و كانت لهم منزلة وما ذلك
إلا بسبب اتباع الشهوات فقد ذكر بعض المؤرخين أن رجلا مر عليه بعض الناس ووجدوه
يبول في كفه ثم يغسل ببوله وجهه و يقول: الحمد لله الذي جعل الماء طهوراً و الوضوء
نوراً. و روي عن آخر أيضا انه كان يقدم وجهه لكلب يلحسه و هو في حالة الثمل و يقول
للكلب أكرمك الله ، يلحس وجهه بلسانه والرجل يقول له أكرمك الله .
هكذا تكون مهانة من شرب الخمر ولربما شرب الإنسان الخمر فهاجت شهوته وثارت غريزته
حيث لا يضبطها ضابط و لا يحكمها شئ فاندفعت به إلى أن وقع في الفحشاء مع ابنته أو
مع أخته أو مع أي امرأة ذات محرمه هكذا يقع الأمر و هكذا تنتهي الحال بأولئك و ما
وجود المخامر بين المسلمين إلا من مخططات هؤلاء الأعداء الماكرين من أجل إبعاد
المسلم عن الإسلام و إغراق الشباب المسلم في وحل هذه الرذيلة و البعد به عن الله
سبحانه و تعالى .



كذلك نجد أيضاً من المخاطر الكبرى التي خطط لها أعداء
الإسلام هذه الأفلام العارية التي لا تؤدي إلا إلى الخزي والعار و المهانة هذه
الأفلام التي تبثها المحطات العالمية القنوات الفضائية العالمية و هي كما قلت تلج
على الناس في بيوتهم من غير استئذان و من غير أن يحجزها حاجز و يمنعها مانع فهي
تقتحم جميع الأسوار و تتخطى جميع القيود من غير استئذان و من غير أن يحجزها حاجز و
يمنعها مانع فهي تقتحم جميع الأسوار و تتخطى جميع القيود هذه من أعظم البلاوى فإن
لم يحصن شباب الإسلام بتقوى الله تبارك و تعالى و بالعقيدة الحقة و بالاستقامة على
الرشد و اتباع أوامر الله والارتفاع بهذه النفس عن الدنايا و الزهد في هذه الحياة
الدنيا و الرغبة فيما عند الله كانت الكارثة .
القنوات الفضائية كما قلت هي باستمرار تغزو الناس غزواً في كل مكان في بيوتهم في
أماكنهم من غير أن يكون هنالك حاجز و كيف أثرت في المجتمع المسلم و أنا أتسائل أين
الآباء و أين الأمهات أين هؤلاء جميعاً عن صون أولادهم ؟. قبل أيام قليلة لا تصل
عشرين يوماً تلقيت رسالة من أحد الشباب يشكو فيها مشكلته و يطلب حلاً لها يقول
بأنه تزوج فتاةً كان يظنها عفيفة طاهرة نظيفة و لكن عندما اقترن بها لم يجد بها
علامة العفة فما كان منه إلا أن أقبل عليها يسألها عن السبب أين ذهبت العفة
فانهارت بين يديه و أخذت تبكي و قالت له سأخبرك بكل شئ فحدثته بقصتها و مأساتها
التي تدعونا إلى التساؤل أين كان أبوها و أين كانت أمها أين هؤلاء جميعاً ؟ كيف
يرضى الإنسان لفلذة كبده و ثمرة فؤاده هذه العاقبة الوخيمة و لا يبالي كيف يرضى
الإنسان أن يقذف ببعضه في النار فإن ولد الإنسان إنما هو بضعة منه كما أخبر الرسول
صلى الله عليه و سلم و قد أجاد الشاعر عندما قال :
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض *** لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت
عيني عن الغمض



فإذا كانت عين الإنسان تمتنع عن الغمض لمجرد هبوب الريح على
ولده فكيف لا يؤرقه أن يعمل ولده عملا يقذف به في النار و العياذ بالله أجابت هذه
الفتاة أن مأساتها تتمثل في كونها عشقت أفلام الجنس منذ كانت بنت 13 عاماً و
استمرت تتابع هذه المحطات التي تبثها هذه الأفلام بكل نهم و بكل شغف حتى كان ذلك
أحب إليها من الطعام و الشراب و النوم و أن غريزتها كانت تهيج و لم ينصحها أحد و
لم يرشدها مرشد إلا خالتها و زوج الخالة فهما نصحاها و طلبا منها أن ترتدع عن ذلك
و لكن أنى لها الارتداع فقد أدمنت هذا الأمر حتى أصبح جزءاً من حياتها قالت بأنها
في يوم من الأيام بينما كانت غارقة في متابعة محطة هندية تبث هذه الأفلام من خلال
جهاز التلفاز، من خلال هذه الأطباق التي تملأ البيوت الآن بينما كانت تتابع هذه
المحطة و بها هيجان الغريزة إذ دخل عليها أخوها فاسترسل معها في المتابعة فما كان
منه إلا أن ثارت غريزته و راودها عن نفسها فاستسلمت له و أتى معها الفاحشة هنا
التساؤل أين الأب و أين الأم و أين الأسرة كيف هؤلاء لا يغارون على أعراضهم ما
بالهم لا يغارون على أنفسهم بأن ولد الإنسان جزء منه و عار الولد ينقلب على أبويه
و لا سيما البنت فعارها ينقلب على أبويها وعلى أسرتها و على مجتمعها كيف لا يغار
هؤلاء على بناتهم و لا يغارون على أعراضهم نحن نجد كيف جاء التوجيه النبوي الشريف
للبشر حتى يربوا أولادهم على الفضيلة و التقوى و الاستقامة الحديث الشريف يقول
(مروهم بالصلاة لسبع و اضربوهم على تركها لعشر و فرقوا بينهم في المضاجع) نعم يفرق
بين الأخ و أخته في المضجع إذا بلغا عشر سنوات فإن العاقبة عاقبة اضطجاعهما معاً
لا يعلم مغبتها إلا الله سبحانه و تعالى و نحن نجد كيف توجه الأحاديث الشريفة
الأمة جميعاً إلى الفضيلة و التقوى فالنبي صلى الله عليه و سلم يقول ( ألا لا
يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) و يقول ( من كان يؤمن بالله و



اليوم الآخر فلا يخلون بامرأة إلا مع ذي محرم ) و يقول عليه
أفضل الصلاة و السلام ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) و يقول صلوات
الله و سلامه عليه ( إياكم و الدخول على النساء فقال له رجل من الأنصار أرأيت
الحمو يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم الحمو: الموت ) هكذا يشبه صلى الله
عليه و سلم حما المرأة بالموت الذي هو أخو زوجها بالموت لخطورة ولوجه عليها فكيف
بغير هؤلاء كيف يرضى الإنسان بابنته أن تسير في وسط جماعة من الذئاب الذين هم أشبه
بالرجال و لا يغار عليها كم من مأساة تترتب على هذه اللقاءات غير الحميدة ما بين
الجنسين كم من فجور يرتكب وكم من حرمة تنتهك و كم من عرض يداس بالأقدام على التراب
فهل من منتبه لذلك ثم بجانب هذا كله أيضاً نرى أن مآسي البطالة بطالة الشباب مآس
لا تقف آثارها عند حد أخذت الجريمة تتفشى فكم من نفس أزهقت و دم سفك بسبب هذه
البطالة كم من أناس ارتكبوا الحماقات في سفك الدماء و إزهاق الأرواح طمعاً في
الشيء اليسير في المال ومن تتبع ملفات هذه الأحداث وجد من ذلك أمراً عجباً فلذلك
يجب أن يتنبه لخطورة هذا الأمر هناك الكثير الكثير من المجالات التي يمكن أن يفرغ فيها
الشباب طاقاتهم هناك الكثير الكثير من الأمور التي لو استغلت لعادت المصلحة على
الأمة جميعاً لعادت المصلحة على المجتمع الذي فيه أولئك الشباب و عادت بالمصلحة
على الأمة جمعياً و لكن نحن نقول دائما بأننا بحاجة إلى التخطيط السليم والتنفيذ
الأمين مع وجود هذين العنصرين يوجد الخير كله و لكن هل من مخطط و هل من منفذ.



نحن نرى أن الشباب الآن يلهو وراء الرياضة و لا بأس فلياقة
الأبدان أمر مطلوب و كما قيل العقل السليم في الجسم السليم ذلك الذي يكون غالباً و
لكن هل الرياضة هي في اللعب وحده دون غيره أما كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
ذوي أبدان ذات لياقة أما كانوا صحيحي الأبدان و العقول أين كانوا يفرغون هذه
الطاقات كانوا يفرغون الطاقات في عبادة الله سبحانه و تعالى و في الأعمال التي
تعود بالمنفعة عليهم و تعود بالمنفعة على أمتهم ما كانوا يستقبلون الليل و النهار
و هم لاهون من غير أن تكون ألبابهم مشغولةً بأمر و أن تكون أبدانهم مشغولةً بعمل
بل كانت الألباب مشغولة بالله تعالى و باليوم الآخر وكانت أبدانهم مشغولةً بطاعة
الله و مشغولة أيضاً بالعمل الذي يرتفع بهذه الأمة ويعلو بها أليس في طلوع النخيل
و في العمل بالأموال رياضة للأبدان كيف لا توجه طاقات الشباب إلى ذلك حتى لا
يألفوا الكسل كثير من الشباب مع الأسف الشديد ألفوا الكسل و أصبحوا لا يريدون
العمل إنما يتسولون و يريقون ماء الوجوه مع أن ماء الوجه هو أعز ما يجب على
الإنسان أن يحافظ عليه وأن لا يريقه .



الله تبارك و تعالى عندما وجه المؤمنين إلى التصدق قال ((
لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا
فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم
بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا )) هكذا كان حال الناس في ذلك
الوقت من محافظتهم على ماء وجوههم لا يسألون الناس إلحافاً إنما كانوا بل كانوا لا
يسألون الناس قط و لكن ذلك إنما هو تعريض بالإلحاف في المسألة فهكذا إذاً يجب أن
توجه هذه الطاقات للعمل و ألا تترك للبطالة و الكسل . إن البطالة تؤدي إلى الكثير
الكثير تؤدي إلى الجرائم و الجرائم تتنامى بقدر تنامي هذه البطالة و الناس بحاجة
إلى الأيدي العاملة الأيدي القوية و ليس في العمل أياً كان ذلك العمل غضاضة على
المرء ما دام عملاً حلالاً يقربه إلى الله سبحانه و تعالى كم جاءت أحاديث عن
الرسول صلى الله عليه و سلم في تحبيب العمل و في التنفير من المسألة على أن الكثير
من هؤلاء الذين يسألون الناس إلحافاً إنما يسألون من أجل شهواتهم قد يسأل الإنسان
و يلح من أجل أن يجمع شيئاً من الريالات ليدخل بها فندقاً أو مطعماً فيشرب الخمر و
العياذ بالله أو من أجل أن يذهب بها إلى هنا و هناك ليفرغ شهوته الجنسية في الحرام
فإذاً هذه الأمور كلها يجب التفطن لها و يجب التفطن لما يريده أعداء الإسلام من
تحبيب هذه البطالة إلى النفوس و تشغيل هذه الطاقات بما لا يعود بطائل على أصحابها
و على أمتهم و لا على مجتمعهم هذا و إن من أخطر الخطر أيضاً أن يرضى المسلمون بأنفسهم
بالتبعية فالشباب المسلم عندما يرضى أن يكون تبعاً لأعداء الإسلام يترسم خطواتهم و
ينهج نهجهم و يعب من معينهم لا ريب أن ذلك لا يورثه إلا ذلاً خزياً وعاراً فالله
سبحانه و تعالى عندما بعث النبي صلوات الله و سلامه عليه بعثه ليربي هذه الأمة على
استقلالها في جميع شؤونها على استقلالها في



العقيدة، و استقلالها في العبادة، و استقلالها في السياسة ،
واستقلالها في الفكر ، و استقلالها في السلوك، و استقلالها في الأخلاق، و
استقلالها في المعاملة ،و لذلك كان الرسول صلى الله عليه و سلم عندما يربي صحابته
رضى الله تعالى عنهم كثيراً ما يعلل الأوامر التي يأمرهم بها و النواهي التي
يزجرهم عنها بقوله ( خالفوا النصارى و اليهود ) أو خالفوا اليهود أو خالفوا
المشركين أو خالفوا المجوس ) كل ذلك لتكون هذه الأمة مستقلة لا تتبع أعداءها نحن
نرى كيف أن الرسول صلى الله عليه و سلم بلغ فيه الحساسية في هذا الأمر أنه كان
يأمر بمخالفة أعداء الإسلام حتى في الأمور الجزئية القليلة التي قد يستهين بها
الإنسان في الأمور العادية من ذلك ما روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه كان في حالة
دفن ميت و كان واقفاً و كان أصحابه وقوفاً فمر بهم يهودي و قال هكذا تصنع أحبارنا
فقعد صلوات الله وسلامه عليه و أمر أصحابه بالقعود ذلك لأجل ألا يتأثروا بمسالك
اليهود و عاداتهم و ألا تكون للمسلمين أسوة في أعمال اليهود والقرآن الكريم جاءنا
بما يدل على وجوب قطع علاقات الموالاة بين المؤمنين و أعدائهم الكافرين فالله
سبحانه و تعال يقول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا
بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء
مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا
أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء
السَّبِيلِ 0 إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)) كيف بعد
كلام الله



قول لقائل و فصل لفاصل إنما كلام الله تعالى هو القول الفصل
الذي ليس بالهزل يخبرنا أنهم يودون الكفر منا و هذه أمنية كل كافر كذلك نجد أن
الله تعالى يقول ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ
وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم
مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))
ثم بين كيف تكون الموالاة و ممن تصدر فقال (( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم
مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ
فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ
عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء
الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ
حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ)) ثم يتبع ذلك التحذير من
الارتداد تنبيهاً على أن هذه الموالاة لا تقف بأصحابها عند حد حتى ينسلخوا من
الإسلام كله وقد قال سبحانه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ
مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ
مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) ثم يبين من يجب على المسلم أن يجعل ولاءه
له فقال ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )) ثم
بين عاقبة الموالاه لله تعالى و لرسوله و للمؤمنين عندما قال عز من قائل ((وَمَن
يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ



الْغَالِبُونَ)) نعم إنما حزب الله هم الغالبون فعندما كانت
كتلة الأمة الإسلامية بينها الموالاة. الموالاة في الله سبحانه و تعالى توالي ربها
وتوالي نبيها و يوالي كل فرد إخوانه المؤمنين مع القطيعة بينهم و بين أعدائهم
الكافرين كانت كِفة الإسلام راجحة و كانت فئة الإسلام ظاهرة و دعوتهم شاهرة ظهر
الدين في أرجاء الأرض و انتصر المسلمون على أعدائهم حتى افتتحوا ممالك كسرى و
ممالك قيصر و أنزل الله أُولئك المتكبرين من عليائهم صاغرين و أذاق الله سبحانه
وتعالى تلك الشعوب البائسة على أيدي المؤمنين طعم العدل و عرفت من خلال معاملتهم
معنى الحرية و عرفت معنى قيمة الإنسانية و لا ريب أن هذه الموالاة تتمثل في
التبعية فعندما ينجرف المسلم انجرافاً وراء عادات غيره فإن ذلك دليل موالاته له و
أي انجراف أخطر من هذا الانجراف الذي وقع فيه المسلمون رأوا أن كل خطوة يترسمونها
وراء أعدائهم هي مفضية بهم إلى العز و الرقي و المدنية حسب ما يتراءى لهم و ما هي
إلا خطوات إلى الذل و المهانة و الخزي و العار في الدنيا وفي الآخرة و العياذ
بالله فنجد الكثير من ضعاف النفوس من المسلمين يحاولون استيراد قاذورات العادات من
أُولئك الأعداء ليطبقوها في حياتهم كأنما هذه القاذورات هي الطهر و هي النظافة و
هي العز و الشرف يكفي ما نسمعه في أول يوم من إبريل من التسابق في ميدان الكذب و
البراءة في الإتيان بأفحش الكذب تقليداً لأعداء الإسلام مع أن الكذب بنفسه حرام
ليس هو من شأن المؤمن فالنبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( يطبع المؤمن على الخلال
كلها ليست الخيانة و الكذب ) و عندما سئل النبي صلى الله عليه و سلم أيكون المؤمن كذاباً
قال لا) .و عندما تحدث عليه أفضل الصلاة و السلام عن صفة المنافق بين من صفاته أنه
كذاب فقال ( ثلاث من كن فيه كان منافقاً من إذا حدث كذب). أول صفة من صفات المنافق
أنه كذاب عندما يتحدث . والله سبحانه و تعالى بين في محكم



كتابه أن الكذب لا يجامع الإيمان فقد قال سبحانه ((إِنَّمَا
يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ
الْكَاذِبُونَ)) جاءت أسلوب الحصر ببيان أن المؤمن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن
يفتري الكذب إنما يفتري الكذب الذي لا يؤمن فكيف يتبارى المسلمون مع ذلك في اختراع
أنواع الكذب و يرون ذلك من أسباب العز و الشرف لله للأمر من قبل و من بعد.
كذلك هناك الكثير الكثير من العادات التي سرت إلى الأمة الإسلامية قد يظنها الكثير
أنها أمر هين لا بأس بها و لكن تترتب عليها عواقب وخيمة لربما لو سألت اليوم في
هذه اللحظة الكثير من الحاضرين ما هو تاريخ هذا اليوم لتسارعت الألسن إلى الإجابة
بالتاريخ غير تاريخ المسلمين ما هذه النكسة التي أصابت الأمة الإسلامية مع أن
التاريخ الإسلامي هو مدار العبادات الشرعية التي فرضها الله تبارك و تعالى على
العباد من الصيام و الحج و الزكاة و عِدَد النساء وغير ذلك وقد قال تعالى
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ )) و
قال عز من قائل ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا
فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ
حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ)) أي
شهر حرام في تلك الأشهر التي هي مدار أعمال الناس و مدار تاريخهم في هذا الوقت ،
على أن التاريخ الهجري إنما هو مؤذن ما كان لهذه الأمة من عزة و شرف فهو يرتبط
بميلاد دولة أمة الإسلام على يدي نبي الله عليه و على آله و صحبه أفضل الصلاة و
السلام عندما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم فولدت الدولة الإسلامية بهجرته و
لذلك أجمع المسلمون على اختيار الهجرة لأن تكون بداية لتاريخ هذه الأمة إذ ولدت
الأمة بالهجرة و إنما كان المسلمون من قبل أفراداً ، كانوا أفراداً لا تربطهم



رابطة و لا يجمعهم جامع اللهم إلا العقيدة وحدها و لكن وجدت
رابطة سياسية بعد ذلك إذ وجدت دولة الإسلام التي تظللهم بوارف ظلها و تؤويهم إليها
وكان على رأسها رسول الله صلى الله عليه و سلم فلذلك وقع الإجماع في عهد عمر رضي
الله عنه على جعل بداية هذا الحدث التاريخي العظيم تاريخاً لهذه الأمة و عمل الناس
بذلك قرناً بعد قرن حتى مضى 13 قرناً و نصف قرن و عندما تغلغل الغزو الأجنبي و
استحكم في نفوس المسلمين واحتل عقولهم وبدلهم أفكاراً بأفكارهم حصل ما حصل من هذه
النكسة العظيمة بحيث تناسى المسلمون تاريخهم فهم يؤرخون لجميع أحداثهم يؤرخون
لولادة أولادهم و يؤرخون لتحركاتهم و أمورهم بالتاريخ الذي هو خارج عن المفاهيم
التي يجب أن يؤمنوا بها و كم من قضية من نحو هذا كل ذلك إنما هو دليل ما أصاب هذه
الأمة من الهزيمة النفسية ومما يسمونه بمركب النقص و لا ريب أن التخلص من ذلك كله
تبعة ملقاة على عاتق الجميع . فمسئوولية ذلك لا يمكن أن يتخلص أحد من عهدتها إلا
بأن يؤدي واجبه نحوها هذه مسئوولية الجميع مسئوولية الحكام و المحكومين مسئوولية
العلماء و المسئوولين مسئوولية الآباء و الأمهات مسئوولية المدرسين و المدرسات مسئوولية
المجتمع بأسره بل الأمة بأسرها فكل فرد من أفراد الأمة إنما تقع على عاتقه هذه
المسئوولية و عليهم ألا يترددوا في تحملها و القيام بها على أحسن ما يجب حتى
يتخلصوا من عهدة المسئوولية أمام الله سبحانه و تعالى و حتى تصل هذه الأمة إلى ما
تتطلع إليه من عز و شرف و سؤدد لتكون أمة قائدة بدلاً من أمة مقوده و لتكون أمة
مؤثرة بدل من أن تكون أمة متأثرة و لتكون أمة عزيزة بدلاً من أن تكون أمة ذليلة
فإن الله سبحانه و تعالى وعد الاستخلاف و التمكين الذين آمنوا و عملوا الصالحات
ووعد الله تعالى موجز فالله سبحانه و تعالى لا يخلف الميعاد و هو القائل عز من
قائل (( و لن يخلف الله وعده)) و هو القائل عز من قائل (( إن



الله لا يخلف الميعاد )) و قد قال سبحانه ((وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) و قال (( و كان حقاً علينا نصر المؤمنين )) و
قال سبحانه ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ
عَزِيزٌ 0 الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) و قد تحقق هذا الوعد في سالف العهود عندما كان
المؤمنون على صلة بربهم و يقين بدينهم و استمساك بعقيدتهم و عدم تفريط في شئٍ مما
أمرهم الله تعالى به أو نهاهم عنه و لا بد من أن يتحقق ذلك على أيدي الخلف الصالح
الذي يكون امتداداً لذلك السلف العظيم التي قادها الرسول صلى الله عليه و سلم و
الخلفاء الراشدون عندما يعود المؤمنون إلى دينهم و ذلك أمر تتطلع إليه الإنسانية
فإن الإنسانية اليوم إنما هي على حافة الهوة السحيقة فإما أن تتردى في هوة
الانتحار و إما أن ينتشلها الإسلام .والإسلام إنما ينتشل الإنسانية عندما يستمسك
المسلمون بدينهم الحق و يتجسد هذا الدين الحنيف في كل جزئية من جزئيات حياتهم .



أسأل الله سبحانه و تعالى أن يعز الإسلام و المسلمين وأن
يذل الشرك و المشركين و أن يقطع دابر أعداء الدين إنه على كل شئٍ قدير و إنه
بالإجابة جدير نعم المولى و نعم النصير . اللهم إنك أنت الله نشهد إنك أنت الله لا
إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد ولم يكن له كفواً أحد
. نسألك ربنا أن لا تدع لنا في هذا المقام ذنباً إلا غفرته ، و لا عيباً إلا
أصلحته ، و لا غمً إلا فرجته ، و لا كرباً إلا نفسته ، و لا ديناً إلا قضيته ، و
لا مريضاً إلا عافيته ، و لا غائباً إلا حفظته و رددته ، و لا ضالاً إلا هديته ، و
لا عدواً إلا كفيته ، و لا دعاءً إلا استجبته ، و لا رجاءً إلا حققته ، و لا بلاءً
إلا كشفته ، و لا سائلاً إلا أعطيته ، و محروماً إلا رزقته ، و لا جاهلاً إلا علمته
، و لا حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة هي لك رضى و لنا صلاح و منفعة إلا قضيتها و
يسرتها بيسر منك و عافية . اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت
الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد نسألك ربنا
أن تخزي اليهود و من شايعهم و من ناصرهم و من والاهم و آزرهم و أن تجعل الدائرة
عليهم و أن تخلص جميع المسلمين من قبضتهم اللهم خلص المسجد الأقصى المبارك من
أيديهم و أجعله في أيدي عبادك الصالحين الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و
يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و لله عاقبة الأمور و صلى الله و سلم على سيدنا
محمد و على آله و صحبه أجمعين سبحان ربك رب العزة عماً يصفون و سلام على المرسلين
و الحمد لله رب العالمين . والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
* * * * * * * * * * * * * * ** * * * * * * * * * * * * * * * * *
السائل يقول : ما حكم أطباق البث التلفزيوني ومتابعة القنوات الفضائية مع العلم أن
هناك من القنوات التي تبث برامج علمية و ثقافية و دينية ؟



الجواب : كل هذه الأجهزة سلاح ذو حدين إذ يمكن استغلالها في
الخير و يمكن استغلالها في الشر فنحن نقول بحرمة استغلالها في الشر و على كل من
كان في بيته جهاز من هذه الأجهزة أن يحافظ عليه تمام المحافظة و ألا يرخي العنان
لتلاعب أولاده بحيث يتلاعبون بهذا الجهاز ليستوحوا منه الشر كما يملي عليهم
الشيطان و إنما عليهم أن يسخروه بما فيه المصلحة و الله تعالى الموفق.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
السائل يقول : شخص حرم على نفسه أكل أو أخذ شئ من خدمة ابنه ، يريد أن يتوب عما
قال فماذا عليه ؟



الجواب : إن من مصيبة الناس هذا الجهل الذي لا يقف عند حد
الجهل الذي يهوي بهم في هوة الشرك و العياذ بالله فإنما التحليل و التحريم إنما
هما إلى الله وحده ليس للإنسان أن يتطاول على حق الله في تحريم شئ أحله أو تحليل
شئ حرمه فالله تعالى يقول ((وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ
الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ
إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ)) و يقول
سبحانه قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم
مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ
تَفْتَرُونَ)) و يقول ((قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا
بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ
ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ)) و بين أن هذا التحريم إنما هو من صفات
المشركين فقد قال سبحانه ((أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن
شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم )) و يقول عز من قائل ((وَقَالَ
الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ
نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ )) و هكذا تتكرر الآيات القرآنية في كتاب الله لتردع
الناس عن التطاول على الله تعالى بتحريم ما أحل أو تحليل ما حرم، فكل من ذلك يعتبر
رداً بحكم الله. و الرد لحكم الله إنما هو كفر بواح ، الرد لحكم الله إنما هو كفر
بواح فليس للإنسان لأن يتطاول فيحرم شيئاً أحله الله أو يحلل شيئاً حرمه الله. أما
هذا التحريم فكثير من العلماء يرون بأنه عليه أن يتوب إلى الله و أن يفعل الشيء
الذي حرمه و ليس عليه إلا ذلك و منهم من يرى أن عليه كفارة اليمين أخذاً بدلالة
قول



الله سبحانه و تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ
تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ 0 قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُم)) و ليس
ببعيد أن يستأنس لهذا القول بالاقتران الذي حصل بين مشروعية كفارة اليمين في سورة
المائدة و بين هذا التحذير من التطاول على التحريم فإن الله سبحانه و تعالى قال
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ
اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 0
وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ
الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ )) ثم أتبع ذلك قوله ((لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ
الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا
تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://forsanislam.yoo7.com
 
محاضرة شبابنا إلى أين؟!!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المتحدث الرسمي لـ فرسان الاسلام :: منتدى قضايا الامة الاسلامية-
انتقل الى: